عاجل|5 شارع حشمت.. ملتقي الزعماء وتوهج النضال الإفريقي
عادل عبدالمحسن
بـ5 شارع أحمد حشمت بحي الزمالك الراقي، وداخل فيلا يعود تاريخ إنشائها إلى عام 1948، انطلقت بالقاهرة عام 1956 شرارة بدء ثورات التحرير الإفريقية التاريخية.
داخل هذه الفيلا المملوكة للبروفيسور المصري محمد عبد العزيز إسحاق، أستاذ الأدب العربي في جامعة فؤاد الأول "القاهرة حالياً"، تعج أركانها بالذكريات من الاجتماعات والمشاورات بالساعات قبل انطلاقها، وظلت أعوامًا رافدًا كبيرًا في دعم الكثير من الشعوب الإفريقية، حتى حصلت على الاستقلال، إنها الجمعية الإفريقية والتي كانت تسمى حينما أنشئت، الرابطة الإفريقية.
الرئيس والأستاذ ورحلة تحرر الأفارقة من الاستعمار الأجنبي
دائما الأفكار العظيمة تظل أحلاما حتى تجد من يتبناها ويجعلها واقعًا على أرض الواقع، فالعلاقة المصرية الإفريقية ممتدة عبر التاريخ ولكنها زادت رسوخًا في عهد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، الذي التقى البروفيسور المصري محمد عبد العزيز إسحاق، أستاذ الأدب العربي في جامعة فؤاد الأول "القاهرة حالياً"، الذي أعير إلى جامعة جوردون فى العاصمة السودانية "الخرطوم"، ومكث هناك ٦سنوات وكان طلابه من جميع دول شرق إفريقيا، ومن خلال أحاديثه معهم تعرف على الأوضاع الصعبة التي يعيشها سكان جنوب السودان، حيث يعانون من تخلف حضاري شديد وظروف اقتصادية صعبة جدا، فكانوا لا يعرفون الملابس أو المنازل المبنية، حيث كانوا يعيشون في كهوف وعشش، عاد بعدها إلى مصر، ليبدأ في تأسيس الرابطة الإفريقية.
وكلفه عبد الناصر، بالتواصل مع الطلبة الأفارقة وحركات التحرر الإفريقي، فتم نقله للخارجية المصرية بوصفه دبلوماسيًا مصريًا، وبهذا أصبحت الجمعية الإفريقية ملاذًا لكل حركات التحرر الإفريقي في أنحاء القارة الإفريقية جميعا، والتي بلغت 38 حركة تحرر، بحسب تصريحات سابقة للسفير محمد نصر الدين رئيس الجمعية الإفريقية بالقاهرة. وبالفعل تم التواصل وجاءوا للقاهرة ومكثوا في فيلا اسحق والتي أصبحت بيت إفريقيا الجامع لكل الأفارقة، وحينما تزايدت أعدادهم ترك إسحق لهم فيلته وانتقل للسكن في شقة أخرى أيضًا في منطقة الزمالك.
وبالفعل كان هذا المكان رمزا مهما للمساندة المصرية، حيث كان البدروم مخزنا للأسلحة التي أمدت بها مصر حركات التحرر، وتم تنظيم معسكرات تدريب عسكري للأفارقة في الإسماعيلية، كما كانوا يسافرون ضمن الوفد المصري المشارك في اجتماعات الأمم المتحدة سواء في نيويورك أو جنيف للحديث عن قضايا بلادهم، وتم إنشاء إذاعات موجهة باللغات الإفريقية تنطلق من مصر، وإصدار جرنال صوت إفريقيا والذي كان يوزع على السفارات الأجنبية في مصر لعرض قضايا إفريقيا وأهمية الاستقلال وبالفعل حصلت الدول على الاستقلال بعد كفاح ونضال رسمت مصر ملامحه. بعد وفاة الرئيس عبد الناصر وتولى الرئيس السادات لمقاليد الحكم تم تغيير اسم الرابطة الإفريقية وتحولت إلى الجمعية الإفريقية، كما تحولت تبعيتها من رئاسة الجمهورية إلي وزارة الشؤون الاجتماعية، التضامن الاجتماعي حاليا، كمنظمة أهلية. قدمت الجمعية الكثير من المساعدات السياسية والعسكرية والمادية لكل حركات التحرير الإفريقية والتي ساهمت في استقلال هذه الدول. وقد كان لكل حركات التحرير الوطنية الإفريقية مقار مقيمة داخل مبنى الجمعية الإفريقية بالقاهرة وصار مديرو هذه المقار رؤساء الدول الإفريقية بعد ذلك لذلك، فإن كل الرؤساء الافارقة أشادوا بالدور الذي قدمته مصر من خلال الجمعية الإفريقية خلال تاريخها الطويل منذ عام ١٩٥٦ في استقلال بلادهم كما يحرص الرؤساء الافارقة عندما يزورن القاهرة أن يكون مقر الجمعية الإفريقية أول مكان على جدول زيارتهم لمصر فعندما جاء الرئيس نيلسون مانديلا إلى مصر بعد الأفراج عنه في جنوب إفريقيا كان أول مكان يزوره في مصر هو مقر الجمعية الإفريقية للتعبير عن شكره لاحتضان الجمعية لمكتب الكونجرس الوطني الإفريقي الذي قاد حركة النضال ضد نظام التمييز العنصري في جنوب إفريقيا.